لماذا غير ترامب رأيه واتجه نحو أوكرانيا؟

بعد تهديده بوقف المساعدات العسكرية لأوكرانيا يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد غيّر رأيه فقد كان الافتراض الأولي للإدارة الأمريكية أن خطابها وإشاراتها ودبلوماسيتها المؤيدة لروسيا ستؤدي إلى ردود فعل متبادلة في موسكو وتمهد الطريق لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية. أما الآن فيبدو أن ترامب قد أدرك أن هذا النهج غير مناسب لا يزال معظم الأمريكيين ومن بينهم أعضاء كثر من الحزب الجمهوري والناخبين الجمهوريين وحتى مؤيدي حملة “لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً” يؤيدون دعم أوكرانيا ولعل ترامب يدرك الآن أن التكاليف السياسية لنهجه المؤيد لروسيا آخذة في الارتفاع وتغييره الأخير في مساره هو تنازل للمواقف السائدة المناهضة لبوتين والمؤيدة لأوكرانيا في الداخل وليس نتيجة لتقدم معرفي في تقييم البيت الأبيض للسياسة الخارجية الروسية لقد هدد ترامب علناً في 14 يوليو شركاء موسكو التجاريين بعقوبات ثانوية إذا لم يوافق الكرملين على وقف إطلاق النار في أوكرانيا قريباً فهل يمثل هذا تراجعاً في سياسة ترامب تجاه روسيا؟ حتى الآن لا تزال هذه التصريحات الرسمية وما شابهها من تصريحات رسمية لترامب وإدارته، تثير جدلاً حول مستقبل غامض للأمور وبعبارة ملطفة لا بدّ من التروي في معظم تصريحات ترامب الشفهية بل وحتى المكتوبة وقد تباينت ردود الفعل في أوكرانيا على الخطاب الجديد في واشنطن حيث يدرك المعلقون الأوكرانيون أن ترامب يظهر الآن نبرة مختلفة بعد أشهر من التودد العلني لفلاديمير بوتين ومع ذلك لا يزال معظم الأوكرانيين يشككون في مدى استدامة هذا التحول الواضح في موقف واشنطن ومن المفترض أن تفرض الولايات المتحدة رسوماً جمركية عقابية بنسبة 100% على شركاء روسيا التجاريين إذا لم يوافق الكرملين على اتفاق سلام خلال 50 يوماً لكن واشنطن بدأت بهذه الخطة لعبة معقدة فاضغط الذي يمارسه ترامب على موسكو ينبغي ألا يأتي مباشرة من الولايات المتحدة وبدلا من ذلك يجب أن تمارسه دول ثالثة مثل الصين والهند والبرازيل التي تشتري النفط وسلعاً أخرى من روسيا ومع ذلك ليس من الواضح ما إذا كانت هذه الدول وغيرها ستذعن لهذا الضغط الأمريكي، وإلى أي مدى لكن هل تكفي رسوم جمركية أمريكية بنسبة 100% لتحفيز الهند على سبيل المثال على وقف التعامل التجاري مع روسيا؟ إذا لم تُفضِ خطة ترامب إلى تخفيضات كبيرة في التجارة الخارجية غير الغربية مع روسيا وإذا فرضت واشنطن بالفعل رسوماً جمركية على الدول التي تواصل عقد صفقات مع موسكو فستتبعها إجراءات انتقامية من تلك الدول على الواردات من الولايات المتحدة فهل الأمريكيون العاديون مستعدون للمعاناة من أجل أوكرانيا؟ لا يبدو أن خطة ترامب مدروسة جيداً وربما لم يكن من المقصود تنفيذها أبداً وكان من الممكن أن يتمثل النهج الأكثر فعالية في تهديد شركاء روسيا التجاريين برسوم جمركية مرتفعة للغاية مثل رسوم الـ 500% التي اقترحها مجلس الشيوخ الأمريكي وكان من شأن ذلك أن يشير إلى هذه الدول بأن انفصالها عن روسيا أمر ضروري ويبقى أن نرى ما ستكون عليه نتيجة نهج ترامب الحالي المعقد على المدى القصير قد تُحدث خطط العقوبات الأمريكية الجديدة آثاراً معاكسة لمقاصدها ومن المرجح أن يؤدي إعلان ترامب إلى تكثيف الهجمات الروسية على أوكرانيا خلال الأسابيع المقبلة ومن الغريب أن الكرملين مُنح الآن جدولاً زمنياً شبه رسمي يمكنه خلاله مواصلة العمليات العسكرية دون عواقب اقتصادية فورية ويثير تحديد واشنطن لمهلة 50 يوماً الشكوك في أن روسيا مُنحت فرصة أخرى لتحقيق نجاحات عسكرية قبل استئناف المفاوضات وفي النهاية فإن السؤال المطروح هو هل ستؤدي خطة ترامب لابتعاد شركاء تجاريين غير غربيين عن روسيا تحت وطأة العقوبات؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى