من حديقة عمومية إلى استثمار خاص… القصة الكاملة لأغرب نزاع عقاري في الدار البيضاء

تعيش مقاطعة عين السبع في الدار البيضاء واحدة من أكثر القضايا العقارية إثارة للجدل في السنوات الأخيرة بعدما انفجرت إلى السطح معطيات متضاربة حول ملكية بقعة أرضية واسعة كان يُفترض أن تتحول إلى فضاء أخضر لفائدة السكان قبل أن تُفاجأ الجماعة بكونها باتت أيضاً مسجلة باسم شركة عقارية خاصة القصة بدأت بتفصيل صغير لكنه كان كافياً ليفتح صندوقاً ضخماً من الأسئلة تتعلق بوجود شهادتي ملكية مختلفتين لقطعة أرض واحدة تبلغ مساحتها حوالي 13 ألف متر مربع وتخضع منذ مطلع الألفية لما يشبه “تعليقاً إدارياً” غير مفسر بعدما لم تُستكمل إجراءات تحفيظها لفائدة الجماعة رغم إدراجها في تصميم التهيئة كحديقة عموميةومع  ظهور رسالة مجهولة المصدر انتشرت داخل مجموعة “واتساب” خاصة بأعضاء لجنة التعمير انفجرت الأزمة نصّ الرسالة اتهم النائب الثاني لرئيس المجلس بالتدخل لتغيير وضعية الرسم العقاري المعروف بالرقم 8447/ج وهو زعم لم يثبت بعد لكنه كان كافياً لإحداث ارتباك داخل الاجتماع ودفع المسؤول المعني إلى مغادرة القاعة قبل أن تتوالى بشكل لافت سلسلة استقالات في الإدارة الجماعية يوسف لحصينية رئيس مقاطعة عين السبع وجد نفسه في قلب العاصفة معلناً استعداده لوضع استقالته على طاولة العمدة واللجوء إلى القضاء لكشف الملابسات لكن ما بدا في الوهلة الأولى مجرد مناوشة سياسية بين منتخبين سرعان ما أخذ حجم قضية أوسع تتجاوز خلافات الأشخاص نحو بنية التدبير ذاته فوجود وثيقتين رسميتين متناقضتين حول ملكية الوعاء العقاري يطرح أسئلة ثقيلة حول أداء المحافظة العقارية وتاريخ معالجة الملف وكيف انزلقت الأرض التي عُرفت طوال عقدين بأنها ملك جماعي مخصص للمنفعة العامة لتظهر في وثائق حديثة مسجّلة باسم شركة خاصة تحمل اسم Bafella SARL. لا أحد قدم حتى الآن رواية رسمية متماسكة ” هل جرى الأمر بناء على حكم قضائي؟ هل كان هناك تفويت قانوني لم يطّلع عليه أحد؟ أم أن ثغرات قديمة في مسار التحفيظ فتحت الباب لتأويلات وعمليات تسجيل لاحقة قد تكونسليمة أو العكس؟ مصادر من داخل الجماعة تتحدث عن “فوضى تراكمت لسنوات” في تدبير العقارات الجماعية بالمقاطعة وعن ملفات مشابهة ظلت عالقة بسبب غياب المتابعة أو ضياع الوثائق أو تحويل التصاميم دون ضبط قانوني دقيق وتضيف مصادر أخرى أن بعض المشاريع والصفقات في المنطقة ظلت محل تساؤل خلال السنوات الأخيرة في سياق أزمة أوسع للحوكمة داخل المقاطعة وهو ما جعل ملف الأرض آخر حلقة في سلسلة ممتدة ورغم هذه الشبهات يظل كل ما يُتداول من اتهامات في خانة الروايات المتداولة في انتظار أي خطوة رسمية قد تقوم بها السلطات المختصة سواء على مستوى المحافظة العقارية أو المصالح الجهوية أو القضاءمن جهتهم لا يخفي سكان عين السبع شعورهم بمرارة قديمة تجاه ما يعتبرونه تأخراً متكرراً في توفير مساحات خضراء في منطقة تشهد توسعاً عمرانياً خانقاً فالأرض التي تحولت إلى محور نزاع اليوم تمثل بالنسبة إليهم مشروعاً مؤملاً منذ زمن بعيد كان من المفترض أن يغيّر جزءاً من ملامح الحي ويمدّه بمتنفس حضري نادر وبينما تستمر الروايات المتضاربة داخل دواليب الجماعة يترقب السكان أي توضيح رسمي قد يعيد الأمور إلى نصابها ويكشف ما إذا كانت هذه الأرض قد ضاعت فعلاً من الملك العمومي أم أن الملف ما زال قابلاً للتدارك وفي انتظار ذلك تبقى قصة هذه البقعة أكثر قرب إلى رواية طويلة تتقاطع فيها المصالح والسياسة والإدارة وتكشف تدريجياً ما يجري عادة خلف الأبواب المغلقة في تدبير الوعاء العقاري داخل كبريات المدن المغربية

 

ن/ش

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى