مادام الهيني وصل لحمام الشعابي فقد قُضي الأمر أسرج الهيني جمعيته وأخرج جبهته ثم ركب الجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والإرهاب ماسكا لجامها بأحكام وأتى على متنها إلى الريف ليُزَعبِض بها فقامت القيامة إنتُزِعت بلاكة حمام الشعابي خلسة دهشَ الناس حملقوا واستنكروا البلاكة لم تكن أصلا ذات سنوات البلاكة محدثة
حينما كنا نذهب إلى حمام الشعابي سنوات السبعينات والثمانينات وكان يذهب اليها قبلنا من سبقونا خلال الخمسينات والستينات لم تكن هناك بلاكة ولكن كان هناك موروث أو عرف النساء يستمتعن بالحمام صباحا إلى غاية الواحدة والرجال مساء ويوم الجمعة بالكامل كان يستحوذ عليه الرجال لأنه يوم صلاة الجمعة إذ كانت النساء لا يصلين في المسجد إلا القليلات منهن هكذا كانت الأمور وهكذا ظلت مستمرة بل وأذكر خلال أيام الصبا كيف كنا نتسلق جبالا وعرة لنطل على الحمام أوقات الصباح لعل وعسى تلتقط أعيننا أجساد نساء يستحمن وكنا دائما نقع في فخ رجال مختبئين يمارسون مهمة الرقابة رجال يحرسون النساء من على قمم الجبال المطلة على الحمام البق ما يزهق كان ذلك أيام الصبا أيام لم تكن هناك بلاكا ولا هم يحزنون
الآن حمام الشعابي أصبح معروفا تتوافد عليه النساء والرجال من مختلف أنحاء المغرب للاستحمام والاستجمام في إحترام تام للبرنامج الزمني الموضوع منذ قرن وزمّارة قبل وضع البلاكا وحتى بعد نزعها ونزع البلاكا لن يؤدي أبدا الى نزع ثقافة سائدة ولا إلى ردم عرف إختاره أهل البلدة لتنظيم أوقات إستحمامهم حتى وإن تدخل الهيني وتخلى عن جميع أشغاله وعن كل القضايا الشائكة التي يتبقبق بها المجتمع ليتبنى قضية فالصو وليجعل من عادة بسيطة قضية رأي عام ويشعل الدخان في حياة أناس مسالمين بسطاء إستقبلوا زائريهم من مختلف أصقاع المغرب بكل حب وود
إييييه يا دنيا عشنا وشفنا كما يقول المصريون عشنا وشفنا كيف تجندت الجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والإرهاب وتخلت عن كل ملفات التطرف والإرهاب لتحشر أنفها في حامة بئيسة تحت جبل منسي وكأنها حامة يخرج منها الإرهابيين وليس ماء دافئا ظل يسخن عظام نساء ورجال البلدة منذ سنين حين لم يكن يعرفهم أحداولا سمع بهم مخلوق ولا تسوق لهم جن ولا إنس
إيييه بعد أن بقي الهيني وجبهته بدون شغل ولا مشغلة ظهرت لهم فجأة أن حامة الشعابي تنتج الار-هاب والت-طرف يا سلام لكن الهيني وكما عادته ركب مرة أخرى على قضية خاسرة وراهن على قدّيدة خانزة أراد بها أن يطفو على متنها إلى سطح الأحداث بعد أن غرق شقفه في أوحال كثيرة لكن الهيني وجبهته لا يعرفون بأن حمام الشعابي ليس حماما فقط بل هو ثقافة وموروث وعادة ونظام حياة نحته السكان بشقاء عمرهم دون تمييز بين النساء والرجال وباحترام تام يحفظ حق النساء قبل الرجال في الاستحمام والاستجمام والاستمتاع بالثروة الطبيعية لمنطقتهم…إنه تقسيم عادل للزمن…وللحق…بين الجنسين…في إطار إحترام عادات وتقاليد المنطقة…
كان على الهيني…وجمعية مناهضة الار-هاب والت-طرف أن يدوروا أولا على حمامات المملكة وينشروا على مدخلها بيانهم ويشرعوا أبوابها أمام الرجال والنساء معا…ويحاربوا التمييز بين الجنسين بداخلها…ويؤسسوا برنامج الإشتغال المختلط…هذا يحكّ الظهر لهذه…تلك تزيل الأوساخ لذاك… هذه تكسِّل هذا وهذا يكسِّل تلك…وفي الأخير ينهي الجميع أشغاله بطرد وإزالة الجنابة…ويتوضؤوا الوضوء الأكبر…في عين المكان…نعم كان على الهيني أن يشحذ جبهته…ويحرّش جمعيته من أجل كل هذا أولا…قبل أن ينقضّ مثل طير جارِحٍ…على حامة يتيمة يستمتع بها أهلها في سلم وأمان…وسكينة…وفي تنظيم محكم وحكيم منذ عام الدّقيوس…وقبل حتى أن يظهر مصطلح الإر-هاب…الذي يريد أن يركب عليه…
محمد بزوكو : كاتب وسيناريست ومخرج سينمائ