توتر جديد بين لندن ومدريد بسبب مناورات عسكرية في جبل طارق … وإسبانيا تتناسى ما تفعله في المياه المغربية

في الوقت الذي تُكثّف فيه مدريد جهودها داخل الاتحاد الأوروبي للدفاع عن ما تعتبره «انتهاكاً لسيادتها» في مياه جبل طارق جاءت تحركات البحرية الملكية البريطانية لتعيد التوتر مجدداً مع إسبانيا عبر مناورات عسكرية بحرية بالذخيرة الحية في المنطقة المتنازع عليها على بعد أميال قليلة من المياه المغربية الشمالية

فقد أعلنت هيئة موانئ جبل طارق عن مناورات بحرية جديدة تشمل إطلاق النار التجريبي واستخدام قنابل ضوئية ومناورات بزوارق عالية السرعة ومن المقرر أن تنفذ العملية يوم الثلاثاء 4 نوفمبر بمشاركة القطعتين الحربيتين و إلى جانب وحدات من شرطة دفاع جبل طارق ودعت السلطات البحرية السفن المدنية إلى توخي الحذر في محيط المناورات التي تمتد من الميناء الجبل طارقي إلى شرق الصخرة في مياه تصر مدريد على أنها «إسبانية

وتأتي هذه الخطوة في وقت أعادت فيه محكمة الاستئناف في قادش فتح تحقيقات حول أعمال ردم وإنشاءات بحرية بريطانية في خليج جبل طارق، استناداً إلى معاهدة أوتريخت لعام 1713 التي منحت بريطانيا مدينة جبل طارق وميناءها دون مياهها الإقليمية وأعادت المحكمة الملف إلى محكمة لا لينيا للنظر في شكاية تقدّمت بها نيابة الخزيرات حول مخالفات بيئية وتعديات بحرية التحركات البريطانية التي تتكرر بوتيرة منتظمة تعيد إلى السطح الخلاف التاريخي حول السيادة على الصخرة ومياهها المحيطة فبينما تؤكد لندن أن المياه خاضعة لسلطتها بموجب الواقع الإداري والأمني تصر مدريد على أن المعاهدة لم تتضمن أي تنازل عن البحر معتبرة كل نشاط عسكري بريطاني في تلك المنطقة انتهاكاً مباشراً للسيادة الإسبانية

ورغم احتجاجات إسبانيا المتكررة فإن لندن تواصل سياسة «الأمر الواقع» حيث تشهد المنطقة منذ سنوات مناورات دورية ومواجهات رمزية بين الزوارق الإسبانية والبريطانية كان آخرها في أكتوبر 2023 حين اعترضت السفينة زورقاً إسبانياً في المياه المتنازع عليها ما أدى إلى تبادل الاحتجاجات الدبلوماسية بين الجانبين

لكن المفارقة التي لا تخفى على المراقبين هي أن إسبانيا التي ترفع شعارات السيادة البحرية في وجه بريطانيا تمارس هي نفسها استفزازات مشابهة في المياه المغربية المقابلة لسبتة ومليلية والجزر الجعفرية فمدريد لا تتردد في إرسال زوارقها العسكرية إلى تخوم السواحل المغربية وتفرض قيوداً أحادية في مناطق تعتبرها الرباط جزءاً لا يتجزأ من مجالها البحري السيادي دون أي احترام لروح حسن الجوار أو لمنطق التاريخ والجغرافيا

وهنا يبدو أن ازدواجية الخطاب الإسباني تكشف عن منطق انتقائي في الدفاع عن السيادة فهي تحتج بقوة على تحركات بريطانيا في مياهٍ متنازع عليها لكنها تتغاضى عن ممارساتها الاستفزازية في المجال المغربي وكأن القانون الدولي يُفصَّل على مقاس مصالحها

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى